وأمام هذه الدعوة العاتية، والسلطة الطاغية لا يجد الدعاة مفراً من الاعتصام باليقين والصبر؛ لأن الصبر سيف لا ينبو، ومطية لا تكبو، ونور لا يخبو.
وحينئذٍ لابد أن يتنادى أهل الإيمان ليتواصوا بالحق، ويتواصوا بالصبر لينجوا من الخسران المبين الذي يواجه الفارِّين من وجه الهدى.
وفي ذلك أنزل الحق سورة كاملة هي سورة العصر: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (?).
ومن هذه العصابة المباركة العبد الصالح لقمان وابنه، وهاهو لقمان يوصي ابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (?).
ودونك أيها الداعي إلى الله على بصيرة بعض المعوقات التي تعترض طريقك لئلا تأخذك على حين غرة:
لا شيء أثقل على صاحب الدعوة وهو يصيح بأعلى صوته، وينادي بملء فيه لينقذ الناس من الظلمات إلى النور، فلا يجد إلا آذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، وأناساً قد استغشوا ثيابهم، وأصرّوا واستكبروا استكباراً.