وكذا الحالُ عند الحديث عن القراءات، وكيفَ اختلفتْ هذه القراءاتُ؟ وما عَلاقتُها بالأحرفِ السَّبعةِ؟
فإنَّك إن لم تكن قد درَّستَ الأحرفَ السَّبعةَ، ستضطرُّ إلى بيانِها هنا على أنَّها جُزئيَّةٌ استطراديَّةٌ. وقد كان يُغني عن ذلك ما لو رُتِّبت علومُ القرآنِ، وجُعِلَ مثلُ هذا الموضوعِ من أوَّلِ ما يدرسُه الدارسُ، ثمَّ يُحالُ عليه عندما يأتي موضوعٌ له علاقةٌ به.
وسيكونُ في ترتيبِ العلومِ في كتبِ علومِ القرآنِ ابتعادٌ عن هذه المشكلةِ وغيرِها مما يلاحظهُ الذي يُدرِّسُ هذا العلمَ.
وقد كنتُ أودُّ أن أطرحَ جانبًا أراهُ مُغْفَلاً في علومِ القرآنِ، مما جعلَ هذا العِلْمَ علمًا لا يطربُ له دارسُه، ولا يُحسُّ بثرائه وكثرة مادَّتِهِ، ولذا يندرُ أن تجدَ هذا العلمَ يُدرَّسُ خارجَ قاعاتِ الدِّراسةِ النِّظاميَّةِ، كما هو الحالُ في علمِ العقيدة أو علم الفقه أو علمِ الحديثِ.
وبعضُ الباحثينَ يحسبُ أنَّ هذا العلمَ قوالبُ مصبوبةٌ قد انتهى البحثُ فيه، واحترقتْ مادَّتُه، فلا جِدَّةَ في مسائله، ولا ثَمرة بعد ما ذكره الأقدمونَ ممن كتبوا في هذا العلمِ؛ وهذا ظنٌّ زائفٌ.
وفي ظنِّي أن الذي أنشأ هذا التَّفكيرَ عن علومِ القرآنِ هو إغفالُ الجانبِ التَّطبيقيِّ لهذا العلمِ، لذا قد يمرُّ بالباحثِ وهو يقرأ في التَّفسيرِ أمثلةٌ تخالفُ ما نُظِّرَ له في دراستِه لعلومِ القرآنِ، لكنَّها لا تسترعي انتباهَه، ولا يَطلبُ لها حلًّا، وكأنَّه قد حكمَ بزَيْفِها؛ لأنَّها خالفت ما قُرِّرَ له، فلا يُتعبُ نفسَه بتثويرِ الموضوعِ مرَّةً أخرى، عَلَّهُ يجدُ ما يصحِّحُ ما درسَه أو يؤيِّدُه.
إنَّ كتبَ تفسير القرآنِ ميدانٌ رحبٌ لتطبيقاتِ مسائلِ علومِ القرآنِ،