فيسهبُ في الحديثِ عن أمورٍ لا تخصُّ الآيةَ من أيِّ وجهٍ، ومن ذلك:
في قوله تعالى: {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} [يوسف: 10]، قال القُرطبيُّ (ت: 671): «الالتقاط: تناول الشَّيء من الطريقِ، ومنه اللَّقيط واللُّقَطَةُ.
ونحن نذكر من أحكامِها ما دلَّت عليه الآيةُ والسُّنَّةُ، وما قاله أهلُ العلمِ واللُّغةِ ...» (?).
وإذا قرأتَ المسائل التي ذكرها في اللَّقيطِ وأحكامِه (?)، تبيَّنَ لك أنَّ هذه المسائلَ محلُّها كُتبُ الفقه، لا كتب التَّفسيرِ، والآيةُ لم تُشِر إلى حكمٍ في هذا الموضوعِ حتَّى يُفسَّرَ.
وبهذه الاستطرادات وأمثالِها زادَ حجمُ كتابِه.
ولو اعتمد المؤلِّفونَ في التَّفسيرِ على ما تُعطيه ألفاظُ الآيةِ من التفسيرِ واقتصروا عليه، وتركوا هذه الاستطراداتِ التَّخصُّصيَّةَ التي محلُّها كتبُ ذلكَ الفَنِّ، لتضاءَلت أحجامُ كتبِهم كثيرًا.
ومن المهمِّ هنا أن يُفهَمَ أن هذه الاستطرادات في العلومِ ليست من لوازمِ التَّفسيرِ، وإنَّما اهتمَّ كثيرٌ من العلماءِ ـ الذين ألَّفُوا في التَّفسرِ ـ بتدوينها في تفاسيرِهم، لأنهم سلكوا منهجًا في التأليفِ يريدُون به استقصاءَ ما حولَ الآيةِ مما يرتبطُ بالعلمِ الذي برعُوا فيه.
فإن كان لبعضهم العُذْرُ، فإنَّ هذا لا يعني أنَّ كلَّ كتابِه في علمِ التَّفسيرِ.