وإذا درستَ تفاسيرَهم بعنايةٍ، ونظرتَ في تفاسيرِ المتأخرينَ، سيظهرُ لكَ جليًّا أنَّ المتأخِّرينَ عالةٌ عليهم في بيانِ معاني القرآنِ والمرادِ بها، وأنَّ المتأخرينَ لم يزيدوا كثيرًا على أقوالِهم من جهةِ البيانِ عن معنى الآي، وإنما كانتِ الزيادةُ في غيرِ هذا الجانبِ.
وأحسبُ أنَّ كتبَ التَّفسيرِ الكبيرةَ ـ كالجامعِ لأحكام القرآنِ لأبي عبدِ اللهِ محمدِ بن أحمدَ القرطبيِّ (ت: 671)، أو البحرِ المحيطِ لأبي حيانَ محمدِ بنِ يوسفَ الأندلسيِّ (ت: 745)، أو غيرها ـ لو اعتمدتْ صُلْبَ التَّفسيرِ، وتركتِ الاستطرادَ في مسائلِ العلومِ، لرجعتْ إلى تفسيرِ السَّلفِ وقاربتْهُ.
* ولما تنوَّعتِ المعارفُ والعلومُ، وتشكَّلتْ مسائلُ كلِّ علمٍ؛ كالفقه، وأصولِ الفقه، والنَّحوِ، واللُّغَةِ، والتَّاريخِ، وغيرها، وشاركَ في التَّأليفِ في التَّفسيرِ مَنْ تميَّزَ بعلمٍ من هذه العلومِ، صبغ كل منهم تفسيرَه بتخصُّصِه الذي برزَ فيه، يساعدُه في ذلك إمكانيَّةُ التوسُّعِ في كتابةِ التَّفسيرِ، وهذا ما جعلَ كتبَ التَّفسيرِ تفترقُ في المناهجِ.
* ولهذا، ستجدُ أنَّ كثيرًا مما سيأتي من المصنَّفاتِ المُدوَّنةِ على انفرادٍ، يكونُ موجودًا في بطونِ كتبِ التَّفسيرِ من حيثُ الجملةُ، لذا تجدُ أنَّ مما يتميَّزُ به منهجُ أبي حيان (ت: 745) في كتابِه البحرِ المحيطِ عنايتَه بعلمِ المناسبات (?).
وهذا يعني أنَّ كُتبَ التَّفسيرِ تحوي كثيرًا من مسائلِ العلومِ التي لها