3 - أن يكون لكلِّ قراءةٍ معنى مستقلٌّ، وهذا الأمرُ لا يخلو من حالين:
الأول: أن يكونَ الاختلافُ في القراءة راجعًا إلى ذاتٍ واحدةٍ، فيكونُ حُكْمًا لهذه الذات بمعاني هذه القراءات، ومن ذلك القراءات الواردةُ في قوله تعالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 24]، فقد قُرئت بالضَّادِ، والمعنى: ما هو ببخيلٍ عليكم بالوحي الذي آتاه الله، فهو يُعلِّمكم ويرشدكم به.
وقرئت بالظاء «ظنين»، والمعنى: ما هو بمتَّهمٍ في بلاغِه عن الله، فهو يبلغكم وحيه، لا يزيد فيه ولا ينقص (?).
ومن ثَمَّ، فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم غير بخيلٍ بهذا الوحي، ولا متَّهم في أمانته به، فهو يؤديه كما سمعه.
الثاني: أنْ يكونَ الاختلافُ في القراءاتِ راجعًا إلى أكثرَ من ذاتٍ، فيكون لكلِّ ذاتٍ الحكمُ الخاصُّ بها من معنى قراءتِها، ومن ذلك ما وردَ في قوله تعالى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج: 15]، فقد قُرِئَ لفظُ «المجيدِ» بالرفعِ والجرِّ.
فمن قرأ بالرَّفعِ، جعلَ المجيدَ من صفةِ «ذو»، والمعنى: ذو العرشِ ـ وهو الله ـ مجيدٌ.
ومن قرأه بالجرِّ، جعله من صفةِ العرشِ، فالعرشُ هو المجيدُ.
تنبيه حول تفسير السلف وعلاقته بالقراءات:
مما يرد في تفسير السَّلفِ من الاختلافِ ما يمكنُ أن يكونَ سببه