لهبٍ، وقيل: في أبي جهلٍ (?)، وهؤلاءِ المذكورونَ أمثلةٌ لمن أبغضَ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فهم كلهم يشملُهم هذا الوصفُ، كما قال ابن كثيرٍ (ت: 774): «وهذا يَعُمُّ جميعَ من اتَّصَفَ بذلك ممن ذُكرَ وغيرِهم» (?).
ومن ثَمَّ، فإنَّ أسبابَ النُّزولِ في أغلبِ أحوالِها أمثلةٌ لما تتضمّنُه الآيةُ من معنى أو حكمٍ؛ لذا قد يصحُّ أكثرُ من سببٍ في آيةٍ، وليس بينها تعارضٌ إذا حُمِلَتْ على التَّمثيلِ، ومن ذلك:
روى البخاريُّ (ت: 256) سببينِ في نزولِ قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ} [آل عمران: 77].
الأول: عن أبي وائل شفيق بن سلمة (ت: 82)، عن عبد الله بن مسعودٍ (ت: 32) قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من حلف يمين صبر ليقتطعَ بها مالَ امرئ مسلمٍ، لقيَ الله وهو عليه غضبانُ»، فأنزلَ اللهُ تصديقَ ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ} إلى آخرِ الآيةِ.
قال: فدخل الأشعثُ بنُ قيسٍ، وقال: ما يُحدِّثُ أبو عبد الرحمن؟
قلنا: كذا وكذا.
قال: فِيَّ أُنزِلت. كانت لي بئرٌ في أرضِ ابن عمٍّ لي، فقال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «بَيِّنَتُكَ أو يمينه».
فقلتُ: إذًا يَحْلِفُ يا رسول الله.