استدراكٌ في أمثلةِ النَّسخ عند السَّلفِ:
قد لا تسلمُ بعضُ الأمثلةِ من أن تكونَ مشكلةً في مرادِ السَّلفِ بالنَّسخِ، وذلك إذا كان الأمرُ يتعلَّقُ بحكمٍ شرعيٍّ، وكان محتملاً للنَّسخِ الاصطلاحيِّ المتأخِّرِ، ومحتملاً لأن يكونَ بمعنى تخصيصِ العمومِ مثلاً.
فيكونُ الخلافُ في الحكم على الآيةِ دائرًا بين النَّسخِ، والقول بالعمومِ المُخصَّصِ، وإليك هذا المثال الذي يبيِّنُ المقالَ:
قوله: {وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 121].
في هذه الآية خلافٌ طويلٌ، والمرادُ هنا ما أشيرَ إلى حكمِ النَّسخِ فيها، فقد قيل بأنها منسوخةٌ بآيةِ المائدةِ، وهي قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5].
ويكونُ المرادُ بالمشركاتِ: عابداتِ الأوثان من العربِ وغيرِهم، واليهوديَّاتِ، والنَّصرانيَّاتِ، وتكونُ هذه الآيةُ ناسخةً للمنعِ من زواجِ نساءِ أهلِ الكتابِ إذا كُنَّ عفائفَ محصناتٍ، وأُعطينَ أجورهنَّ.
أما عابداتُ الوثنِ من الكافرات، فقد وردَ النَّهيُ عن زواجِهنَّ في غيرِ هذه الآيةِ، ولذا يبقينَ على التَّحريمِ.
وقيلَ بأنَّ آيةَ سورةِ المائدةِ مخصِّصةٌ لآيةِ سورةِ البقرةِ؛ أي أنَّ اللهَ