الحُكمِ بالنَّسخِ، وأنه لا يرادُ به النَّسخُ على الاصطلاحِ المتأخِّرِ الذي استقرَّ عليه علماءُ أصولِ الفقه وغيرهم، واللهُ أعلمُ.
* أسند النَّحاسُ (ت: 338)، عن وهب بن منبِّه (ت: 114) أنَّ قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ أَلاَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الشورى: 5]، منسوخٌ بقوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر: 7] (?).
وقد اعترض على هذا جماعةٌ، منهم ابن الجوزيِّ (ت: 597). قال: «وهذا قبيحٌ؛ لأنَّ الآيتين خبرٌ، والخبرُ لا يُنسخُ ...» (?).
وهذا الاعتراضُ يصحُّ لو كان مقصودُ القائلِ النَّسخَ الاصطلاحيَّ المتأخِّرَ، ولكن لو حُمِلَ على مُصطلحِ السَّلفِ، وجُعلَ هذا من بيان المجملِ، لكانَ المذهبَ، دون أن يُعترضَ على العلماءِ ما كان لقولِهم وجهٌ مقبولٌ واللهُ أعلمُ.
وعلى هذا قِسْ كثيرًا مما وردَ من لفظِ النَّسخِ عن السَّلفِ، تسلمُ من الاشتباهِ في تفسيرِهم، أو الاعتراضِ عليهم بما لهم فيه مصطلحٌ ما استقرَّ عليه المتأخِّرون.
ومن هنا يحسنُ التَّنبُّه على أنَّه لا يصحُّ أن تُحملَ ألفاظُ السَّلفِ