وإنما ستتباينُ هذه الكُتبُ في نتيجةِ الحُكمِ المستنبطِ، كما ستتباينُ طرقُ الاستنباطِ، ومصادر الأخذ؛ كإجماعِ أهل المدينة عند المالكيةِ.
وسبب ذلكَ كلِّه اختلافُ المذهبِ الفقهيِّ الذي ينتمي إليه المؤلِّفُ، إذ لكلِّ مذهبٍ أصولُه التي يَصدُر عنها، ويَستنبطِ الأحكامَ بها.
وقد أشارَ إلى هذا مكيُّ بن أبي طالب (ت: 437) في حديثِه عن الأخذِ بشرعِ من قبلنا، فقال: «... وهذه المعاني من الأصولِ لها مواضعُ يُتَقَصَّى الكلامُ فيها ويُبيَّنُ في غير هذا الكتابِ ـ إن شاء الله ـ فهي أصل الفقه والدين وعليها بنى الفقهاءُ مسائلهم وفُتياهم، وإنما اختلفوا في الفتيا على نحو اختلافِهم في معاني الأصولِ، فمعرفةُ الأصولِ عليها العمدةُ عند أهل الفهمِ والنَّظرِ، ومعرفةُ المسائلِ بغيرِ معرفةِ الأصولِ إنما هو سبيل المقلدين الضعفاء في الأفهام» (?).
* ومن الملحوظِ أنَّ دراسة آيات الأحكامِ مفردةً تذهبُ بالآياتِ التي تدرسُها إلى علمِ الفقهِ، ولا تعتني بمسائلِ التَّفسيرِ، حتَّى صارتِ الكتبُ المؤلَّفةُ في أحكامِ القرآنِ فقط = كتبَ فقهٍ لا تفسير.
وكذا الحالُ في كتبِ أحاديثِ الأحكامِ، تجد الدارس لهذه الكتب يدرسُ مسائلَ الفقهِ.
والدارسُ يدرسُ علمَ الفقهِ أصلاً، ثمَّ تراه تتكرَّرُ له المسائلُ الفقهيَّةُ، ويدرسُها على أنَّها على أسلوبِ علماءِ التَّفسيرِ أو علماءِ الحديثِ، والأمرُ ليس كذلك، إذ هو يدرسُ الفقهَ بصورةٍ أخرى، ليس إلاَّ.