فلا تنكروا حق المشوق فإننا ... لنا وعليكم أنجم الليل تشهد.

أرانا سهاما في الورى ونراكم ... حنايا فما تدنون إلا لتبعدوا.

وقال ابن (قسيم) الحموي:

فهو كالسهم كلما زدته من ... ك دنوا بالنزع زادك بعدا.

وآخر من نظمه شيخنا الشامي فقال:

كل شمل وإن تجمع حينا ... يوف يمنى بفرقة وشتات.

لا ألوم النوى فرب اجتماع ... كان أدنى لفرقة وبتات.

مثلما زيدت السهام غلوا ... في صدور العدى بقرب الرماة.

ومنها قول ابن الرومي في خباز رقاق:

ما أنس خباز أنس مررت به ... يدحو الرقاقة وشك اللمح بالبصر.

ما بين رؤيتها في كفه كرة ... وبين إلقائها قوراء كالقمر.

إلا بمقدار ما تنداح دائرة ... في صفحة الماء يلقى فيه بالحجر.

وقوله في قالي الزلالية:

ومستقر على كرسيه تعب ... روحي الفداء له من منصب تعب.

رأيته سحرا يقلي زلابية ... في رقة القش والتجويف للقصب.

كأنما زيته المغلي حين بدا ... كالكيماء التي قالوا ولم تصب.

يقلي العجين لجينا من أنامله ... فيستحيل شبابيكا من الذهب.

وقوله أيضاً:

وإذا امرؤ مدح امرءاً لنواله ... وأطال فيه فقد أراد هجاءه.

لو لم يقدر فيه بعد المستقى ... عند الورود لما أطال رشاءه.

وقوله أيضاً في ذم الخضاب، قال أبو الحسين جعفر بن علي الحمداني ما سبقه أحد إلى هذا المعنى:

إذا دام للمرء السواد وأخلقت ... شبيبته ظن السواد خضابا.

فكيف يظن الشيخ أن خضابه ... يظن سوادا أو يخال شبابا.

وقول أبي الطيب المتنبي:

خلقت ألوفا لو أعدت إلى الصبا ... لفارقت شيبي موجع القلب باكيا.

وقوله أيضاً:

صدمتهم بخميس أنت غرته ... وسمهريته في وجهه غمم.

وكان أثبت ما فيهم جسومهم ... يسقطن حولك والأرواح تنهزم.

الشاهد في البيت الثاني، وأما الأول فمأخوذ من قول الحماسي:

فلو أنا شهدناكم نصرنا ... بذي لجب أزب من العوالي.

والزبب في الإنسان كثرة الشعر، وفي الإبل كثرة شعر الوجه.

وقول أبي الطيب أيضاً في كافور:

فجاءت بنا إنسان عين زمانه ... وخلت بياضا خلفها ومآقيا.

قال أبو العباس أحمد بن محمد النامي الشاعر: كان قد بقي من الشعر زاوية دخلها المتنبي، وكنت أشتهي أن أكون قد سبقته إلى معنيين فإنهما ما سبق إليهما.

أحدهما قوله:

زماني الدهر بالإرزاء حتى ... فؤادي في غشاء من نبال.

فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال.

والآخر قوله أيضاً:

في جحفل ستر العيون غباره ... فكأنما يبصرن بالآذان.

ومن معانيه المخترعة قوله أيضاً:

فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزال.

وقوله أيضاً:

وما أنا منهم بالعيش فيهم ... ولكن معدن الذهب الرغام.

قال الثعالبي: هذا معنى قد اخترعه المتنبي، وكرره في تفضيل البعض على الكل، فأحسن غاية الإحسان حيث قال:

فإن تكن تغلب الغلباء عنصرها ... فإن في الخمر معنى ليس في العنب.

وقوله أيضاً:

فإن يكن سيار بن مكرم انقضى ... فإنك ماء الورد إن ذهب الورد.

ومن المعاني المخترعة قول أبي العلاء المعري:

كالنجم تستصغر الأبصار رؤيته ... والذنب لعين لا للنجم في الصغر.

وقوله أيضاً:

والخل كالماء يبدي لي ضمائره ... مع الصفاء ويخفيها مع الكدر.

وقول أبي إسحاق إبراهيم الغزي:

حملنا من الأيام مالا نطيقه ... كما حمل العظم الكسير العصابا.

قال الثعالبي: أنشدني أبو جعفر مجمد بن عبد الله الأسكافي لنفسه في معنى تفرد به وهو قوله:

الله يشهد والملائك أنني ... لعظيم ما أوليت غير كفور.

نفسي فداؤك لا لقدري بل أرى ... إن الشعير وقاية الكافور.

ومن سلامة الاختراع قول القاضي الأرجاني:

رثى لي وقد ساويته في نحوله ... خيالي ما لم يكن لي راحم.

فدلس بي حتى طرقت مكانه ... وأوهمت النفي أنه بي حالم.

وبتنا ولم يشعر بنا الناس ليلة ... أنا ساهر في جفنه وهو نائم.

وقول الأبيوردي في الخمر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015