نعم، نحتاج للقراءة في السُّنَّة كثيرًا لتأكيد المعاني التي دلت عليها آيات القرآن، وضبط الفهم، وفتح آفاق جديدة للعمل الصالح، وكذلك التعرف على نماذج عملية تطبيقية لآيات القرآن.
ومع ذلك يبقى القرآن هو المصدر المتفرد الذي يولد الطاقة باستمرار، ويُرسِّخ الإيمان.
ثالثًا: القرآن والسنة يشكلان سويًا منهج حياة ... فالقرآن يضع الدستور والقوانين، والسنة تشرحها، ولكن يقف ضعف الإيمان والعزيمة عائقًا أمام تطبيق القرآن والسنة في واقع الحياة ... وهنا يظهر دور القرآن المتفرد كمعجزة تغييرية.
ويؤكد الدكتور يوسف القرضاوي على منزلة السنة فيقول:
القرآن الكريم هو الآية العظمى، والمعجزة الكبرى لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو الكتاب المحفوظ الخالد .. وهو المصدر الأول المقطوع بثبوته من أوله إلى آخره، وبه يحتج على كل مصادر الإسلام وأدلته الأخرى، ولا يستدل بها عليه.
وتأتي السنة النبوية مصدرًا تاليًا للقرآن، مبينًا له، كما قال تعالى لرسوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:44] , فالرسول هو المبين للقرآن بقوله وعمله وتقريره.
وبهذا نعلم أن السنة هي التفسير العملي للقرآن، والتطبيق الواقعي - والمثالي أيضًا - للإسلام، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم هو القرآن مفسرًا، والإسلام مجسمًا.
فمن أراد أن يعرف المنهج العملي للإسلام بخصائصه وأركانه، فليعرفه مفصلاً مجسدًا في السنة النبوية القولية والعملية والتقريرية، فكلمة (السنة) تعني: الطريق أو المنهج، وهو تُمثل (الحكمة) النبوية في بيان القرآن، وشرح حقائق الإسلام، وتعليمه للأمة، فقد أنزل الله على رسوله (الكتاب والحكمة) , كما جعل ذلك من شُعب مهمته في تكوين الأمة {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} [آل عمران:164] (?).
* * *