من هو الله؟: هو مالك الملك، يؤتيه من يشاء، وينزعه ممن يشاء ... نعم، لا ينزعه من أحد ظلمًا – حاشاه – فالبداية دومًا تكون من العبد {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال:53].

يملك سبحانه الدنيا، ويملك الآخرة ... يدبر الأمر، وبيده مقاليد الأمور.

{فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى}

من هو الله؟!: يحب عباده ويشفق عليهم من أن يدخلوا النار، لذلك فهو يحذرهم منها، ويهول لهم شأنها فهي «تلظى» , وهذا يدل على استمرارية استعارها والتهابها ... كل ذلك ليجتنبوا كل ما يوقعهم فيها.

{َلا يَصْلاَهَا إِلاَّ الأشْقَى}

من هو الإنسان؟!: قد يصل في شقاقه وعصيانه لله ورسوله إلى درجة الشقاء – نسأل الله العافية-.

من هو الله؟!: الله الودود الذي يطمئن عباده بأن النار لن تكون إلا للأشقياء المكذبين.

{وَسَيُجَنَّبُهَا الأتْقَى - الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}

من هو الإنسان؟: كما أنه قد يكون- بأفعاله شقيًا أو أشقى- فقد يكون تقيًا أو أتقى (أي شديد التقوى) , وهنا تعطيه الآية الأمان من النار (سيجنبها) , ثم تعرف الآية بأهم سمة للأتقى بأنه الذي يسعى دومًا في تزكية نفسه من خلال دوام إنفاقه، فالأفعال في الآية بصيغة المضارع (يؤتي – يتزكى) وهي تدل على استمرارية الإنفاق لحاجة النفس دومًا إلى التزكية.

وفي الآية دلالة واضحة على أن ثمرة التقوى الحقيقية هي دوام الإنفاق، ودلالة كذلك على أن من أهم وسائل تزكية النفس دوام الإنفاق.

- من المناسب أن يُذكر هنا حديث مثل المنفق والمتصدق وجُبَّتا الحديد (القصة).

السنن الاجتماعية: في الآيات الأربع السابقة تتحقق السنة الاجتماعية (البداية من العبد):

- نارًا تلظى .. من يصلاها؟ الأشقى الذي كذب وتولى.

- سيجنبها؟ الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى.

قصة الوجود: الدنيا مكان للاختبار والامتحان، والآخرة دار للجزاء، وأن النجاح في مادة العطاء (المال) يتحقق بإنفاقه في أوجه الخير، والرسوب في هذه المادة يتحقق بالبخل وعدم الإنفاق.

وكذلك من كذب وتولى عن الله وعن الإنفاق فالنار مصيره.

ومن يتقى الله ويزكي نفسه ويداوم على الإنفاق فسيجنبه الله دخول النار ويكرمه بالجنة فضلاً منه وكرمًا {وَمَا لأحَدٍ عِنْدَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى - إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلَى - وَلَسَوْفَ يَرْضَى}.

واجبات العبودية: من حق الله على عباده أن تكون أعمالهم ابتغاء وجهه الأعلى، فعليهم أن ينفقوا أموالهم ولا ينتظروا أي مقابل ممن يعطونهم، بل يكون هدفهم أن يراهم الله وهم ينفقون فيرضى عنهم.

من هو الله؟: الكريم المعطي الذي يُرضي عباده ... فالذي ينفق من ماله ابتغاء رضاه سبحانه عنه، فهذا لا يرضيه المال، فلو جازاه الله بزيادة أمواله لأنفقها أيضًا ... هذا العبد الصالح سيرضيه الله بما يرضيه ... سيرضيه بالسعادة والطمأنينة والرضى عن الله ومعرفته والأنس به في الدنيا، والقرب في الآخرة.

دروس مستفادة:

1 - الإنفاق في سبيل الله وسيلة أكيدة لتيسير الأمور وفتح المغاليق وتفريج الكروب.

2 - الإنفاق وسيلة عظيمة لتزكية النفس.

3 - البخل والشح سبب لضيق الصدر والمعيشة الضنك وتعسير الأمور.

4 - البداية دومًا تكون من العبد في تحصيل الهداية أو السعادة أو الشقاء في الدنيا، والجنة والنار في الآخرة.

واجبات عملية:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015