قوة تأثير هذه المعجزة الجبارة هي التي جعلت عبَّاد بن بشر يتحمل ألم إصابته بالسهام الثلاثة, التي أطلقها عليه أحد المشركين وهو قائم يصلي ويتلو آيات القرآن، فلم يقطع قراءته إلا خشية تعرض المسلمين للخطر وذلك في غزوة ذات الرقاع ..
هذا القرآن استمع إليه نفر من النصارى الذين يبحثون عن الهُدى فماذا حدث لهم؟
{وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة:83].
وليس هذا في عالم الإنس فقط، فحين استمع إليه نفر من الجن كان قولهم: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا - يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ... } [الجن: 1 - 2].
إنه شيء لا يمكن للعقل للبشري القاصر أن يدرك أبعاده ومدى قوة تأثيره {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21].
إذن فالقرآن الذي بين أيدينا هو الذي تحتاج إليه الأمة جمعاء، ليكون بمثابة المصدر والمولد للطاقة والقوة الروحية بقدرته الفذة على التأثير في المشاعر.
القرآن وحقائقه التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يصلح لكي يكون بداية قوية لنهضة الأمة .. {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:89].
أخي ..
يقول لنا ربنا: {أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت:51].
فبماذا نجيبه؟!
نعم يا رب يكفينا، يكفينا «سمعنا وأطعنا».
ولقد أدرك الإمام المجدد حسن البنا رحمه الله هذه الحقيقة تمامًا، وجعلها غاية في حركة هذه الجماعة ... تأمل قوله: أنتم روح جديد يسري في جسد هذه الأمة ليحييها بالقرآن.
* * *