* * *
فإن قيل: كيف وصف صلى الله عليه وسلم بالضلال والنبى عليه الصلاة والسلام معاذ الله أن يكون ضالاً: أي كافراً لا قبل النبوة ولا
بعدها، والضال أكثر ما ورد في القرآن بمعنى الكافر؟
قلنا: المراد به هنا أنه تعالى وجده ضالا عن معالم النبوة وأحكام الشريعة فهداه إليها، هذا قول الجمهور، الثانى: إنه ضل وهو صغير
فى شعاب مكة فرده الله تعالى إلى جده عبد المطلب، الثالث: إن معناه ووجدك ناسيا فهداك إلى الذكر، لأن الضلال جاء بمعنى النسيان.
ومنه قوله تعالى: (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) .
* * *
فإن قيل: لو كان الضلال بمعنى النسيان لما جمع بينهما في قوله تعالى: (لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى) ؟
قلنا: لا ندعى أنه حيث ذكر كان بمعنى النسيان فهو في تلك الآية بمعنى الخطأ، وقيل: بمعنى الغفلة، الرابع: إن معناه: ووجدك جاهلا فعلمك.
* * *
فإن قيل: كيف من سبحانه عليه بإخراجه من الفقر إلى الغنى بقوله تعالى: (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) أي فقيراً، والعائل الفقير سواء
كان له عيال أو لم يكن؟
قلنا: قال ابن السائب، واختاره الفراء: إنه لم يكن غناه بكثرة المال، ولكن الله أرضاه بما آتاه، (ولمم) يكن ذلك الرضا قبل النبوة