* * *
قلنا: الوجه يطلق ويراد به جميع البدن كما في قوله تعالى: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) وقيل: إن المراد بالوجوه هنا الأعيان والرؤساء، كما يقال: هولاء وجوه القوم، ويا وجه العرب: أي يا
وجيههم، ويؤيد هذا القول ما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال: إن المراد به الرهبان وأصحاب الصوامع.
* * *
فإن قيل: كيف ارتبط قوله تعالى: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ) بما قبله، وأى مناسبة بين السماء والابل والجبال والأرض حتى جمع بينها؟
قلنا: لما وصف الله تعالى الجنة بما وصف، عجب من ذلك الكفار، فذكرهم عجائب صنعه، وقال قتادة: لما ذكر ارتفاع سرر الجنة قالوا: كيف نصعدها؟ فنزلت هذه الآية: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ) نظر اعتبار كيف خلقت للنهوض بالأثقال وحملها إلى
البلاد البعيدة، وجعلت تبرك حتى تحمل وتركب عن قرب ويسر ثم تنهض بما حملت، فليس في الدواب ما يحمل عليه وهو بارك ويطيق النهوض إلا هى، وصخرت لكل من قادها حتى الصبى
الصغير، ولما جعلت سفائن البر أعطيت الصبر على احتمال العطش عشرة أيام فصاعدا وجعلت ترعى كل نبات في البرارى ومفاوز مما