قلنا: قال بعضهم إن أو هنا بمعنى الواو كما في قوله تعالى: (أَوِ الْحَوَايَا) ، الثانى: أنه لو قال تعالى ولا تطعهما جاز له أن يطيع أحدهما، وأما إذا قيل ولا تطع أحدهما كان منهياً عن طاعتهما
بالضرورة.
* * *
فإن قيل: كيف قال الله تعالى هنا: (وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ) أي خلقهم، وقال سبحانه في موضع آخر: (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) ؟
قلنا: قال ابن عباس رضى الله عنهما والأكثرون: المراد به أنه ضعيف عن الصبر عن النساء، فلذلك أباح الله تعالى له نكاح الأمة كما سبق قبل هذه الآية، وقال الزجاج: معناه أنه يغلبه هواه وشهوته فلذلك
وصف بالضعف، وأما قوله تعالى: (وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ) فمعناه ربطنا أوصالهم بعضها إلى بعض بالعروق والأعصاب، وقيل: المراد بالأمر العصعص، فإن الإنسان في القبر يصير رفاتاً إلا عصعصه فإنه
لا يتفتت، وقال مجاهد: المراد بالأثر مخرج البول والغائط، فإنه يسترخى حتى يخرج منه الأذى، ثم ينقبض ويجتمع ويشتد بقدرة
الله تعالى.