فى موضع آخر: (لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) .
* * *
فإن قيل: كيف قال: (مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ) . ومن للتبعيض.
وقال في موضع آخر: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ) وهذا يقتضى كون جميع آياته محكمة؟
قلنا: المراد بقوله: "منه آيات محكمات " أي ناسخات وآخر متشابهات " أي منسوخات، وقيل: المحكمات العقليات والمتشابهات الشرعيات، وقيل: المحكمات ما ظهر معناها والمتشابهات ما كان فى
معناها غموض ودقة، والمراد بقوله تعالى "كتاب أحكمت آياته ".
أن جميع القرآن صحيح ثابت مصون عن الخلل والزلل فلا تنافى.
* * *
فإن قيل: كيف قال هنا: (وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) .
جعل بعضه متشابهاً، وقال في موضع آخر: (كِتَابًا مُتَشَابِهًا) . وصفه كله بكونه متشابهاً.
قلنا: المراد بقوله: (وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) .
ما سبق ذكره، والمراد بقوله: (كِتَابًا مُتَشَابِهًا) .
أنه يشبه بعضه بعضاً في الصحة وعدم
التناقض وتأييد بعضه البعض فلا تنافى.
* * *
فإن قيل: ما فائدة إنزال المتشابه بالمعنى الأخير، والمقصود من إنزال القرآن إنما هو البيان والهدى، والغموض والدقة في المعانى ينافى هذا المقصود
أو يبعده؟