فإن قيل: كيف قال تعالى: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ)
والله تعالى لا يشغله شيء؟
قلنا: قال الزجاج: الفراغ في اللغة على ضربين: أحدهما: الفراغ من شغل، والآخر: القصد للشيء والإقبال عليه، وهو تهديد ووعيد، ومنه قولهم: سأتفرغ لفلان: أي سأجعله قصدى، فمعنى الآية
سنقصد لحسابكم ومعاقبتكم.
* * *
فإن قيل: كيف وعد سبحانه الخائف جنتين فقط؟
قلنا: لأن الخطاب للثقلين، فكأنه قيل لكل خائفين من الثقلين جنتان، جنة للخائف الإنسى، وجنة للخائف الجنى، وقيل: المراد به
أن لكل خائف جنتين، جنة لفعل الطاعات، وجنة لترك المعاصى، وقيل: جنة يثاب بها، وجنة يتفضل بها عليه زيادة لقوله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) أي الجنة وزيادة.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ) ولم يقل سبحانه فيهما والضمير للجنتين؟
قلنا: الضمير لمجموع الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة
وغيرها مما سبق ذكره، وقيل: هو للجنتين، وإنما جمعه لاشتمال الجنتين على قصور ومنازل، وقيل: الضمير للمنازل والقصور التى
دل عليها ذكر الجنتين، وقيل: الضمير لمجموع الجنان التى دل عليها ذكر الجنتين، وقيل: الضمير عائد إلى الفرش لأنها أقرب، وعلى هذا القول "فى" بمعنى على، كما في قوله تعالى: (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ) .