فإن قيل: ما معنى قوله تعالى: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) ولم لم يقل سبحانه إلا مودة القربى، أي القرابة، أو إلا المودة للقربى؟

قلنا: جعلوا محلا للمودة ومقراً لها للمبالغة، كأنه قال: إلا المودة الثابتة المستقرة في القربى، كما يقال: لي في آل فلان مودة. ولى فيهم هوى وحب شديد.

* * *

فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ) والدواب إنما هى في الأرض فقط؟

قلنا: فيهما بمعنى فيها، باعتبار إطلاق لفظ التثنية على المفرد كما في قوله تعالى: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) وإنما يخرج من أحدهما وهو الملح، وقيل: إن الملآئكة لهم دبيب مع طيرانهم

أيضاً، وهم مبثوثون في السماء، ويؤيد ذلك قوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ) فتقييده بالأرض يدل على وجود الدابة في غير الأرض من حيث المفهوم.

* * *

فإن قيل: كيف قدم سبحانه الإناث على الذكور في قوله تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ) مع تقدمهم عليهن، ثم رجع فقدمهم عليهن، ولم نكر الإناث وعرف الذكور؟

قلنا: إنما قدم الإناث لأن الآية إنما سيقت لبيان عظمة ملكه ونفاد مشيئته، وأنه فاعل ما يشاء لا ما يشاء عبيده، فكان ذكر الإناث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015