* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (بِعَبْدِهِ لَيْلًا) ولم يقل بنبيه أو
برسوله أو بحبيبه أو بصفيه ونحو ذلك مع أن المقصود من ذلك الإسراء تعظيمه وتبجيله؟
قلنا: إنما سماه عبدا في أرفع مقاماته وأجلها وهو هذا، وقوله تعالى: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) لئلا تغلط فيه أمته وتضل (فيه كما) ضلت أمة المسيح به فدعته إلهاً، وقيل: لئلا يتطرق إليه الكبر والعجب.
* * *
فإن قيل: الإسراء لا يكون إلا بالليل فما فائدة ذكر الليل؟
قلنا: فائدته أنه ذكر منكراً ليدل على قصر الزمان الذي كان فيه الإسراء والرجوع، مع أنه كان من مكة إلى بيت المقدس، مسيرة أربعين ليلة، وذلك لأن التنكير يدل على البعضية، ويؤيده قراءة عبد الله وحذيفة (من الليل) أي من بعض الليل كقوله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ) فإنه أمر بالقيام في بعض الليل.
* * *
فإن قيل: أي حكمة من نقله عليه الصلاة والسلام من مكة إلى بيت المقدس ثم العروج به من بيت المقدس إلى السماء وهلا عرج به من مكة إلى السماء دفعة واحدة؟
قلنا: لأن بيت المقدس محشر الخلائق، فأراد الله تعالى أن تطأها قدمه ليسهل على أمته يوم القيامة وقوفهم عيها ببركة أثر قدمه، الثانى: أن بيت المقس مجمع أرواح الأنبياء، فأراد الله تعالى أن