فإذا مات الخلائق كلهم سلمت الأملاك كلها لله تعالى عن
ذلك القدر من التعلق، فبهذا إلاعتبار كانت الوراثة، ونظير هذا قوله تعالى: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) والملك له أزلا وأبد.
* * *
قلنا: قال سيبويه والخليل هو توكيد بعد توكيد، فيفيد ذيادة تمكين المعنى وتقريره في الذهن، فلا يكون تحصيل الحاصل، بل تكون نسبة "أجمعون" إلى "كلهم" كنسبة "كلهم" إلى أصل الجملة، وقال المبرد: قوله تعالى: "أجمعون " يدل على اجتماعهم في زمان
السجود، و"كلهم" يدل على وجود السجود من الكل، فكأنه قال فسجد الملآئكة كلهم معا في زمان واحد، واختار ابن الأنبارى هذا القول، واختار الزججاج وأحد الأئمة قول سيبويه، وقالوا: لو كان الأمر كما زعم المبرد لكان "أجمعون " حالاً لوجود حد الحال فيه.
وليس بحال لأنه مرفوع، ولأنه معرفة كسائر ألفاظ التأكيد.
* * *
فإن قيل: ما وجه ارتباط قوله تعالى: (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ) بما قبله من قوله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي ... الآيتان) ؟
قلنا: لما أنزل الله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي ... الآيتان) ولم يعين أهل المغفرة، وأهل العذاب، غلب الخوف على الصحابة رضى الله عنهم