الكلام عند انتفاء الإذن، فأما إن قلنا إن الاستثناء من النفى اثبات ناقضت الآية الثالثة الأولى، ولا تناقض الآيتين بنفى النطق، لأن يوم
القيامة يوم طويل فيه مواقف ومواطن، ففى بعضها يجادلون عن أنفسهم، وفى بعضا يكفون عن الكلام فلا يؤذن لهم فيه، وفى بعضها يؤذن لهم فيتكلمون، وفى بعضها يختم على أفواههم، وتتكلم
أيديهم وتشهد أرجلهم، وهذا جواب تام عن مثل هذه الآيات ويرد على هذا أن يقال قوله تعالى: (هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ)
نفى للنطق عنهم يوم القيامة، فيقتضى انتفاؤه في جميع أجزاء ذلك الزمان، عملا بعموم النفى، كما يعم النفى جميع أجزاء المكان في قولنا: لا وجود لزيد في الدار، فاندفع الجوب بخلاف المواقف والمواطن، فيكون الجواب أن الآية الثالثة أريد بها طائفة خاصة غير الطائفتين الأوليين فلا تناقض.
* * *
قلنا: التبعيض هنا على حقيقته، لأن أهل القيامة ثلاثة أقسام شقى وسعيد وهم أهل النار والجنة، كما ذكر في هذه الآية مفصلا، وقسم لا شقى ولا سعيد وهم أهل الأعراف، الثانى: أن معنى الكلام فمنهم