فإن قيل: كيف قال تعالى: (فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) والبغى لا يكون إلا بغيو الحق، لأن البغى هو التعدى والفساد، من قولهم: بغى الجرح إذا فسد، كذا قاله الأصمعي فما فائدة التقييد؟
قلنا: قد يكون الفساد بالحق كاستيلاء المسلمين على أرض الكفار.
وهدم دورهم، واحراق ذروعهم، وقطع أشجارهم، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ببنى قريظة.
* * *
قلنا: لأن ماء السماء وهو المطر لا تأثير لكسب العبد فيه، ولا حيلة، كما أن الحياة كذلك لا حيلة للعبد في في زيادتها ونقصانها.
الثانى: أن ماء السماء يستوى فيه جميع الخلائق الوضيع والشريف والغنى والفقير، وغيرهما أيضاً كالمدد والحجر والشوك والثمر، كما أن الحياة كذلك، فكان تشبيه الحياة بماء السماء أشد مناسبة ومطابقة.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى هنا: (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ) وقال في موضع آخر: (وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ؟
قلنا: يوم القيامة مواقف ومواطن، ففي موقف لا يكلمهم، وفى