فإن قيل: قوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا)
يدل على تخليد أصحاب الكبائر في النار، لأن المراد بالمحاداة المخالفة والمعاداة؟
قلنا: قوله تعالى: "ألم يعلموا" خبر عن المنافقين الذين سبق
ذكرهم، فيكون المراد المحاداة بالكفر والنفاق، وذلك موجب للتخليد في النار.
* * *
فإن قيل: كيف قال الله تعالى: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ)
وسور القرآن إنما تنزل على النبى عليه الصلاة والسلام لا على المنافقين؟
قلنا: معناه أن تنزل فيهم، فعلى هنا بمعنى في، كما في قوله تعالى: (عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ)
وقولهم: كان ذلك على عهد فلان، الثانى: أن الإنزال هنا بمعنى القراءة فمعناه أن تقرأ عليهم.
* * *
فإن قيل: الحذر في هذه الآية واقع على أنزال السور فكيف قال تعالى: (قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ)
ومناسب أول الآية منزل ما تحذرون؟
قلنا: قوله: "مخرج ما تحذرون" أي مظهر ما تحذرون ظهوره من نفاقكم بإنزال السورة، وهو مناسب لقوله تعالى: (تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ) ، الثانى: أن معناه مظهر ومبرذ ما تحذرون من أنزال السورة.