الصلاة والسلام أقام الدليل على ذلك بقوله: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ) لأنه معجزة.
* * *
كيف يكذبون يوم القيامة بعد معاينة حقائق الأمور، وقد بعثر ما في القبور، وحصل ما في الصدور؟
قلنا: المبتلى يوم القيامة ينطق بما ينفعه وبما يضره، لعدم التمييز بسبب الحيرة والدهشة كحال المبتلى المعذب في الدنيا يكذب على نفسه وعلى غيره، ويتكلم بما يضره، ألا تراهم يقولون: ربنا أخربنا منها، وقد أيقنوا بالخلود فيها، وقالوا: (يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) وقد علموا أنه لا يقضى عليهم فيموتوا، ولا يخفف عنهم من عذابها.
* * *
فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: (وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا) ؟
قلنا: للقيامة مواقف مختلفة ففى بعضها لا يكتمون، وفى بعضها يحلفون كاذبين، كما قال تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
وقال تعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ)