بقوله: "منهم " المنافقون أو اليهود على اختلاف القولين، وكلهم
فاسقون؟
قلنا: المراد به فسقهم بموالاة المشركين ودس الأخبار إليهم لا مطلق
الفسق، وذلك الفسق الخاص مخصوص بكثير منهم، وهم المذكورون
في الآية في قوله تعالى: (تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ)
لاشاملاً لجميعهم.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)
وهذه الأعيان كلها مخلوقات الله
تعالى فأين عمل الشيطان في وجودها؟
قلنا: فيه إضمار تقديره: إنما تعاطى الخمر والميسر ... إلى آخره
أو مباشرته.
* * *
فإن قيل: مع هذا الإضمار كيف قال: مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)
وتعاطى الخمر والقمار ونحوهما من عمل الإنسان حقيقة؟
قلنا: إنما أضيف إلى الشيطان مجازاً، لأنه هو السبب في وجود
الفعل بواسطة وسوسته وتزيينه ذلك للفساق وصار كما لو أغرى
رجل رجلا بضرب آخر، فإنه يجوز أن يقال للمغرى: هذا من
عملك، ونظيره قوله تعالى: (فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) .
* * *
فإن قيل: كيف جمع الخمر والميسر والأنصاب والأزلام في الآية