لعنة الله منحصرة فيهم، بل هى شاملة لجميع الكفار؟
قلنا: قوله (أولئك) إشارة إلى القائلين: (لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا) . وهذا القول موجود من جميع ألكفار فكانت اللعنة شاملة للجميع.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ) .
أخبر أنه يعذب جلوداً لم تعص مكان الجلود العاصية وتعذيب البريء ظلم؟
قلنا: الجلود المجددة، وإن عذبت فالألم بتعذيبها إنما يحصل للقلوب، وهى غير مجددة، بل هى العاصية باعتقاد الشرك ونحوه.
والثانى: أن المراد تبديلها إعادة النضيج على نضيج والجلود هى الجلود بعينها، كما قال تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) وأراد تبديل الصفات لا تبديل الذات كما قال الشاعر:
وما الناس بالناس الذين عهدتهم وما الدار بالدار التى كنت أعهد.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا) .
وليس في الجنة شمس ليكون فيها حر يحتاج بسببه إلى ظل ظليل؟
قلنا: هو مجاز عن المستقر والمستلذ المستطاب لأن بلاد الحجاز شديدة الحر، فأطيب ما عندهم موضع الظل، فخاطبهم بما يعقلون