ولم أر والحمد لله إلا خيرًا، قال: فما هو، فقال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قومًا حلقا جلوسًا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى، فيقول كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول هللوا مائة فيهللون مائة، ويقول سبحوا مائة فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟، ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك، أو انتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء، ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون، قالوا يا أبا عبد الرحمن: حصى نعد به التكبير، والتهليل، والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم
شيء، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده أنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد - صلى الله عليه وسلم - أو مفتحو باب ضلالة، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم
من مريد للخير لن يصيبه. وروى عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد الزهد، والطبراني، وأبو نعيم في الحلية، وأبو الفرج بن الجوزي واللفظ له عن أبي البحتري، قال: أخبر رجل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن قومًا يجلسون في المسجد بعد المغرب فيهم رجل يقول: كبروا الله كذا وكذا، وسبحوا الله كذا وكذا، واحمدوا الله كذا وكذا، قال عبد الله: فإذا رأيتهم فعلوا ذلك فأتني فأخبرني بمجلسهم، فجلس فلما سمع ما يقولون، قام فأتى ابن مسعود رضي الله عنه، فجاء وكان رجلاً حديدًا، فقال: أنا