«463» قَالُوا: وَلَمَّا وَرَدَ عَلَى عَلِيٍّ خَبَرُ الأَشْتَرِ، كَتَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ [1] وَقَدْ كَانَ وَجَدَ مِنْ تَوْلِيَةِ الأَشْتَرِ مَكَانَهُ.
أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَمْ أُوَلِّ الأَشْتَرَ عَمَلَكَ اسْتِبْطَاءً لَكَ فِي الْجَهْدِ، وَلا اسْتِقْصَارًا لأَمْرِكَ فِي الجند [2] وَلَوْ نَزَعْتُ مَا تَحْتَ يَدِكَ مِنْ سُلْطَانِكَ لولّيتك ما هو أيسر عليك مؤنة وَأَحَبُّ إِلَيْكَ وِلايَةً مِنْهُ، وَإِنَّ الرَّجُل الَّذِي وَلَّيْتُهُ أَمْرَ مِصْرَ، كَانَ لَنَا نَصِيحًا، وَعَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنَا شَدِيدًا، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ أَيَّامَهُ وَلاقَى حِمَامَهُ وَنَحْنُ رَاضُونَ عَنْهُ، فَأَصْحِرْ لِلْعَدُوِّ، وَشَمِّرْ للحرب، وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاسْتَكْفِهِ يُعِنْكَ وَيَكْفِكَ إِنْ شَاءَ الله.
«464» قَالُوا: ولما انصرف الحكمان وتفرقا وبويع مُعَاوِيَة بالخلافة، قوي أمره واستعلى شأنه، واختلف أَهْل الْعِرَاق عَلَى علي، فلم يكن لمعاوية همة إِلا مصر، وقد كَانَ لأهلها هائبا، لقربهم منه وشدتهم عَلَى من كَانَ يرى رأيه فدعا عَمْرو بْن العاص فولاه إياها عَلَى ما كانا افترقا عليه (كذا) ويقال: إنه دعا عَمْرو بْن العاص وحبيب بْن مسلمة، والضحاك بْن قَيْس الفهري وبسر ابن أبي أرطاة وعبد الرحمان بْن خالد بْن الوليد، وأبا الأعور السلمي ومرّة ابن مالك الهمداني وشرحبيل بن للسمط الكندي فعرض ولايتها وحرب ابْن أَبِي بكر عليهم فكرهوا ذَلِكَ إِلا عَمْرو بْن العاص. ويقال: إن عمرًا استبطأ مُعَاوِيَة فِي أمر مصر، وما كَانَ وعده من توليته/ 406/ إياها فدسّ إليه من أنشده هذين البيتين: