عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الْكُوفَةِ مِنْ صِفِّينَ خَاصَمَتْهُ الْحَرُورِيَّةُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَقَالُوا: شَكَّكْتَ فِي أَمْرِكَ وحكمت عدوك ودهنت فِي الْجِهَادِ، وَتَأَوَّلُوا عَلَيْهِ الْقُرْآنَ [1] فَقَالُوا: قَالَ الله: «وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ» الآية: (20/ غافر) وَطَالَتْ خُصُومَتُهُمْ لِعَلِيٍّ، ثُمَّ زَالُوا بِرَايَاتِهِمْ وَهُمْ خَمْسَةُ آلافٍ عَلَيْهِمُ ابْنُ الْكَوَّاءِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَصَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ فَدَعَوَاهُمْ إِلَى الْجَمَاعَةِ وَنَاشَدَاهُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ إِنَّا نُوَادِعُكُمْ إِلَى مُدَّةٍ نَتَدَارَسُ فِيهَا كِتَابَ اللَّهِ لَعَلَّنَا نَصْطَلِحُ، وَقَالَ لَهُمْ: [أَبْرِزُوا مِنْكُمُ اثْنَا عَشَرَ نَقِيبًا، وَابْعَثْ مِنَّا مِثْلَهُمْ وَنَجْتَمِعُ بِمَكَانِ كَذَا فَيَقُومُ خُطَبَاؤُنَا بِحُجَجِنَا وَخُطَبَاؤُكُمْ بِحُجَجِكُمْ.] فَفَعَلُوا وَرَجَعُوا فَقَامَ عَلِيٌّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ أَحْرَصَكُمْ عَلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَعَلَى التَّحْكِيمِ، وَلَكِنَّكُمْ وَهَنْتُمْ فِي الْقِتَالِ، وَتَفَرَّقْتُمْ عَلَيَّ وَخَاصَمَنِي الْقَوْمُ بِالْقُرْآنِ وَدَعَوْنَا إِلَيْهِ، فَخَشِيتُ إِنْ أَبَيْتُ الَّذِي دَعَوْا إِلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْحُكْمِ، أَنْ يَتَأَوَّلُوا عَلَيَّ قَوْلَ اللَّهِ:
«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ» الآية: (23/ آل عمران) . ويتأولوا (علي قوله) : «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [2] (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ) ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ» . الآية: (95/ المائدة) . ويتأولوا (علي) قوله: