وَكَانَ سبب الحلف أن الرجل من العرب أو العجم كَانَ يقدم بالتجارة فربما ظلم بمكة، فقدم رجل من بني أبي زبيد- واسم أبي زبيد: منبه بن ربيعة بن سَلَمَةَ بن مازن بْن ربيعة بْن منبه بْن صعب بن سعد العشيرة- بسلعة فباعها من العاص بن وائل السهمي فظلمه فيها وجحده ثمنها، فناشده الله فلم ينفعه ذلك عنده، فنادى ذات يوم عند طلوع الشمس وقريش فِي أنديتها:
يا (آ) ل فهر لمظلوم بضاعته [1] ... ببطن مكة نائي الحي والنفر
ومحرم أشعث لَمْ يقض عمرته ... يا (آ) ل فهر وبين الركن والحجر
وقال أيضا:
يال قصي كيف هَذَا في الحرم ... وحرمة البيت وأخلاق الكرم
أظلم لا يمنع مني من ظلم
فقال الزبير: ما لهذا مترك، فجمع إخوته واجتمعت بنو هاشم وبنو المطلب بن عبد مناف وبنو أسد بن عبد العزى بن قصي وبنو زهرة بن كلاب وبنو تيم بن مرة بن كعب فِي دار أبي زهير عبد الله بن جدعان القرشي ثم التميمي فتحالفوا عَلَى أن (لا) يجدوا بمكة مظلوما إلا نصروه ورفدوه وأعانوه حَتَّى يؤدى إِلَيْهِ حقه وينصفه ظالمة من مظلمته وعادوا عَلَيْهِ بفضول أموالهم ما بَلْ بحر صوفة، وأكدوا ذَلِكَ وتعاقدوا عَلَيْهِ وتماسحوا قياما.
وشهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الحلف فكان يقول: [ما سرني بحلف شهدته فِي دار ابن جدعان حمر النعم.] فسمي الحلف حلف الفضول لبذلهم فضول أموالهم.