أن عامرًا لما احتضر جعل يبكي فقيل لَهُ: مَا يبكيك؟ فَقَالَ: والله مَا أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا عَلَى الدنيا ولكني أبكي عَلَى ظمأ الهواجر، وليل الشتاء.
حَدَّثَنَا أَحْمَد عن رَجُل عن عَبْد الجبار بْن النضر عن بعض مشايخه قَالَ قيل لعامر: أضررت بنفسك، فتناول جلدة ساعده فمدَّها، وقَالَ: والله لئن استطعت لا تنال الأرض من وهمك إلا يسيرا.
ولقي عامر رَجُل فَقَالَ لَهُ: قف أكلمك، فَقَالَ: لولا أنني أبادر لوقفت، قَالَ: وأي شيء تبادر؟ قَالَ: خروج نفسي عافاك اللَّه.
وكان عامر يَقُولُ: لا يزال الرجل بخير ما كَانَ لَهُ واعظ من نفسه وزاجر من عقله ويروى ذَلِكَ عن الْحَسَن أيضًا.
الَّذِي يَقُولُ فِيهِ الفرزدق:
وكيف يصلي العنبري ببلدة ... بها قطعت عَنْهُ سيور التمائم [1]
وكان شاعرًا فَقَالَ للفرزدق:
لقد ذل من يحمي الفرزدق عرضه ... كما ذلت الأخفاف تحت المناسم
حارثة. ومجفّر، واسمه عبد شمس.