فَخَشُوا عَلَيْهِ الزَّيْغَ فَأَتَوْهُ فِي بَيْتِهِ فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تَرَكْتَ مَجْلِسَكَ الَّذِي كُنْتَ تَجْلِسُ فِيهِ، فَقَالَ: إِنَّ مَجْلِسَكُمْ ذَاكَ كَثِيرُ التَّخْلِيطِ وَالأَغَالِيطِ، أَدْرَكْنَا نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثُونَا أَنَّ أَكْمَلَ النَّاسِ إِيمَانًا أَشَدُّهُمْ مُحَاسَبَةً لِنَفْسِهِ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ ضَحِكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ بُكَاءً فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ فَرَحًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَطْوَلُهُمْ حُزْنًا فِي الدُّنْيَا.

حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم عن مُحَمَّد بْن عِيسَى عن فَضالة بْن حصين عن يزيد بْن نَعامة الضبي قَالَ: كتب معاوية إلى عامل البصرة: أما بعد فإذا جاءك كتابي فزوِّج عامر بْن عَبْد قيس من صالح نساء قومه وأصْدِقْها من بيت مال المسلمين، فأرسل إلى عامر فقرأ عَلَيْهِ الكتاب ولم يدعه حتَّى زوجه، وأَدخل عامرًا عليها، فقام إلى مصلاه ولم يلتفت إليها حتَّى إِذَا رَأَى تباشير الصبح قَالَ: يا هَذِهِ ضعي خمارك فلما وضعتْ خمارها قال: أعيدي، ثم قال: هل تدرين لم أمرتك بوضع خمارك؟ لئلا يؤخذ منك شيء أُعطيت.

وكان عامر يَقُولُ فِي كل يَوْم إِذَا أصبح: إن النَّاس غدوا إلى أسواقهم وحاجاتهم، وإن حاجتي إليك أن تغفر لي.

المدائني قَالَ: أُتي عامر بْن عَبْد قيس بعطائه، وهو فِي المسجد فوضعه بين يديه، ثُمَّ رجع إلى منزله، وَقَدْ أُنْسِيَه، فَقَالَ: إني نسيت عطائي فاذهبوا فجيئوا بِهِ، فقيل: إنك تركته فأخِذَ، فَقَالَ: أَوْ يأخذ أحد ما ليس لَهُ؟.

حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِيسَى، ثنا فضالة بْن يزيد بْن نعامة قَالَ: لما سُيِّر عامر إلى الشام نزلوا بماء فِي طريق الشام فإذا الأسد قَدْ حال بينهم وبينه، وجاء عامر حتَّى أصاب حاجته من الماءَ فقالوا لَهُ:

خاطرت بنفسك، فَقَالَ: والله إني لأستحيي أن يعلم اللَّه أني أخاف شيئًا غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015