بخراسان، ووجه ابن عامر الأحنف إِلَى جيّ طُخارستان وفتح الحصن الَّذِي يعرف بقصر الأحنف وأمر بالأذان فِيهِ.
وقال الأحنف فِي بعض مغازية قد جفف العدو وهولوا: أيها الناس لا يهولنكم ما ترون من عددهم وعدتهم، واستفتحوا بالدعاء والصبر، ولا يتحركن أحد منكم وإن طعن فِي عينه حَتَّى أهزَّ الراية ثلاثًا فإذا حملت فاحملوا فَمَنْ كان فارسًا فلينظر إِلَى معرفة فرسه، ومن كان راجلًا فلينظر إِلَى موضع سجوده، ولا ترموهم بأبصاركم، وقاتل الأحنف صاحب الصغانيان برمحين وهو يقول:
أَنَا ابن قَيْس تحت ظل الغاية ... لأخلطن راية براية
فهزم جموع الكفر، وكان يحمل ويقول:
إِن عَلَى كُل رئيسٍ حقًا ... أَن يَخْضِبَ الصَّعْدَةَ أو تَنْدَقَّا
وصالح الأحنف أَهْل الفارياب، وأهل الطالقان، وأهدى إليه بعض المزاربة دواب ورقيقًا وثيابًا فقال: ألكل رَجُل من أصحابي مثل هَذَا؟
قَالُوا: لا. فَرَدَّهُ وقال: لا استأثر على أصحابي بشيء.
وكانت آثار الأحنف بخراسان جميلة، وجرت على يده فتوح كثيرة.
وكان نقش خاتم الأحنف: يَعبد اللَّه مخلصًا.
وقال الأحنف يوم مَسْعُود لبني تميم: والله ما غَلَبتُكُم لهم بظفر عندي، وما الظفر إلا أن يصلح اللَّه بيننا ونرجع سالمين.
قَالُوا: وصالح الأحنف أَهْل بلخ، وصالح أَهْل مرو الروذ، ومضى إِلَى خوارزم فأقام حَتَّى هجم عليه الشتاء فاستشار أصحابه فقال له حضين بْن المنذر: قد قال لك عمرو بْن معدي كرب: