أَبُو ذَرٍّ يَكُونُ بِأَسْفَلِ ثَنِيَّةِ [1] غَزَالٍ، وَكَانَ يَعْتَرِضُ عِيرَاتِ قُرَيْشٍ فَيَأْخُذُهَا، فَمَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ رَدَّ عَلَيْهِ مَالَهُ وَإِلا فَلا، فَكَانَ كَذَلِكَ حَتَّى هَاجَرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَضَى يَوْمَ بَدْرٍ وَيَوْمَ أُحُدٍ ثُمَّ قَدِمَ فَأَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ نَجِيحٍ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَتَأَلَّهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلا يَعْبُدُ الأَصْنَامَ، فمر عليه رجل بعد ما أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ رَجُلا بِمَكَّةَ يَقُولُ كَمَا تَقُولُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ. قَالَ: وَمِمَّنْ هُوَ؟ قَالَ: مِنْ قُرَيْشٍ. فَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ بَهْشٍ وَهُوَ الْمُقْلُ [2] فَتَزَوَّدَهُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَرَأَى أَبَا بَكْرٍ يُضِيفُ النَّاسَ وَيُطْعِمُهُمُ الزَّبِيبَ فَجَلَسَ مَعَهُمْ فَأَكَلَ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ سَأَلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ رَاقِدٌ وَكَانَ قَدْ سَدَلَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَنَبَّهَهُ وَقَالَ: أَنْعِمْ صَبَاحًا، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَعَلَيْكَ السَّلامُ» . فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَنْشِدْنِي مَا تَقُولُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ «لَيْسَ هُوَ بِشِعْرٍ، هُوَ الْقُرْآنُ وَمَا أَنَا قُلْتُهُ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَالَهُ» ،] قَالَ: اقْرَأْهُ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَةً، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّه وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِمَّنْ أَنْتَ» ؟ قَالَ: مِنْ بَنِي غِفَارٍ. فَعَجِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّهُمْ قَوْمٌ يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ وَأَنَّهُ مِنْهُمْ.

ثُمَّ قَالَ: [ «إِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءَ» ] » ، وَأَخَذَهُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى مَنْزِلِهِ فَكَسَاهُ ثَوْبَيْنِ مُمَشَّقَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَكَانَ عَلَى ثَنِيَّةِ غَزَالٍ يَعْتَرِضُ عِيرَ قُرَيْشٍ فَمَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ لَمْ يعرض لما معه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015