فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ مِنْ مَكَّةَ جَاءَ أَبُو لؤلؤة إِلَى عُمَرَ يُرِيدُهُ فَوَجَدَهُ غَادِيًا إِلَى السُّوقِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى يَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ سَيِّدِي الْمُغِيرَةَ يُكَلِّفُنِي مِنَ الضَّرِيبَةِ مَا لا أُطِيقُ، فَقَالَ عُمَرُ: وَكَمْ كَلَّفَكَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، قَالَ: وَمَا تَعْمَلُ؟ قَالَ: الأَرْحِيَةَ، وَسَكَتَ عَنْ سَائِرِ أَعْمَالِهِ. قَالَ: فِي كَمْ تَعْمَلُ الرَّحَى؟ فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: وَبِكَمْ تَبِيعُهَا؟ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ كَلَّفَكَ يَسِيرًا، انْطَلِقْ فَاعْطِ مَوْلاكَ مَا سَأَلَكَ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ عمر: ألا تعمل لنا رحى؟ قال: بلى أَعْمَلُ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ بِهَا أَهْلُ الأَمْصَارِ فَفَزَعَ عُمَرُ مِنْ كَلِمَتِهِ وَقَالَ لِعَلِيٍّ وَكَانَ مَعَهُ: مَا تَرَاهُ أَرَادَ؟ قَالَ:

أَوْعَدَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ عُمَرُ: يَكْفِينَاهُ اللَّهُ، قَدْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِكَلِمَتِهِ غَوْرًا. قَالُوا وَكَانَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ مِنْ سَبْيِ نَهَاوَنْدَ.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ أَبِي بَكْر بْن إِسْمَاعِيل عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ هَرَبَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ وَجَعَلَ عُمَرُ يُنَادِي: الكلب، الكلب، وطعن نفسه، فأخذ أبو لُؤْلُؤَةَ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وَهَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَرَجُلٌ، فَطَرَحَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ خَمِيصَةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَانْتَحَرَ بِالْخِنْجَرِ حِينَ أُخِذَ، وَاحْتَزَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ رَأْسَ أبي لؤلؤة، وقال هشام ابن الْكَلْبِيِّ: وَثَبَ كُلَيْبُ بْنُ قَيْسِ بْنِ بُكَيْرٍ الْكِنَانِيُّ الْجَزَّارُ عَلَى أَبِي لُؤْلُؤَةَ فَقَتَلَهُ.

حَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عن رقبة بْنِ مَصْقَلَةَ عَنْ أَبِي صَخْرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ حِينَ طُعِنَ يقول: وكان أمر الله قدرا مقدورا [1] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015