اذْهَبْ فَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ هَذِهِ الرِّيحُ، قَالَ: فَوَجَدْتُ الْبَهْمَةَ فِي التَّنُّورِ فَخَرَجَ رِيحُهَا، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: اسْتُرْ عَلَيَّ سَتَرَكَ اللَّهُ، فَقُلْتُ: قَدْ عَرَفَ حِينَ أَرْسَلَنِي أَنِّي لا أَكْذِبُهُ، قَالَ: فَاسْتَخْرَجَهَا ثُمَّ جَاءَ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ بِهَا وَقَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ اشْتَرَيْتُهَا لابْنِي فَقَرِمَ إِلَى اللَّحْمِ [1] فَذَبَحْتُ لَهُ وَشَوَيْتُ [2] .
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ حَنْتَمَةَ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ عَامَ الرَّمَادَةِ وَقَدْ حَمَلَ عَلَى ظَهْرِهِ جِرَابَيْنِ، وَفِي يَدِهِ عُكَّةُ زَيْتٍ، وَإِنَّهُ لَيَعْتَقِبُ هُوَ وَأَسْلَمُ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: مِنْ أَيْنَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قُلْتُ: قَرِيبًا، فَقَالَ: كُنْ مَعَنَا، فَحَمَلَنَا ذَلِكَ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى صِرْمٍ [3] نَحْوِ عِشْرِينَ بَيْتًا مِنْ مُحَارِبٍ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَقْدَمَكُمْ؟ قَالُوا: الْجَهْدُ، فَأَخْرَجُوا لَنَا جِلْدَ مَيْتَةٍ مَشْوِيًّا كَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْهُ، وَرِمَّةَ عِظَامٍ مَسْحُوقَةٍ كَانُوا يَسْتَفُّونَهَا، فَرَأَيْتُ عُمَرَ طَرَحَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ ائْتَزَرَ فَمَا زَالَ يَطْبُخُ لَهُمْ وَيُطْعِمُهُمْ حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ أَرْسَلَ أَسْلَمَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَاءَ بِأَبْعِرَةٍ فَحَمَلَهُمْ عَلَيْهَا حَتَّى أَنْزَلَهُمُ الْجَبَّانَةَ ثُمَّ كَسَاهُمْ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِمْ وَإِلَى غَيْرِهِمْ حَتَّى رَفَعَ اللَّهُ ذَلِكَ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا الْوَاقِدِيُّ عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَامَ الرَّمَادَةِ مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ وَهِيَ تَعْصِدُ عَصِيدَةً [4] لَهَا فَقَالَ: لَيْسَ هَكَذَا، وَأَخَذَ المسوط [5] فقال: هكذا وأراها.