عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْمُغِيرَةَ يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الإِمَارَةِ وَسَطَ النَّهَارِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَلْقَاهُ فَيَقُولُ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَيَقُولُ: حَاجَةً لِي. فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الأَمِيرَ يُؤْتَى وَلا يَأْتِي أَحَدًا وَيُزَارُ وَلا يزور.

[كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري في القضاء]

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوَارِزْمِيُّ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ [1] كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ: «أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ، وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، فَافْهَمْ إِذَا أُدْلِيَ إِلَيْكَ، وَانْفِذِ الْحَقَّ إِذَا وَضَحَ لَكَ، وَآسِ بَيْنَ الْخُصُومِ فِي مَجْلِسِكَ ووجهك وعملك، حَتَّى لا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ، وَلا يَيْأَسْ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ النَّاسِ، إِلا أَنْ يَكُونَ صُلْحًا حَرَّمَ حَلالا، أَوِ أَحَلَّ حَرَامًا، وَلا يَمْنَعَنَّكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ الْيَوْمَ فَرَاجَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ وَهُدِيتَ لِرُشْدِكَ أَنْ تُرَاجِعَ فِيهِ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ وَلا يُبْطِلُهُ شَيْءٌ، وَإِنَّ مُرَاجَعَةَ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّرَدِّي فِي الْبَاطِلِ. الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا يَتَلَجْلَجُ فِي صَدْرِكَ مِمَّا لَيْسَ فِي قُرْآنٍ وَلا سُنَّةٍ، وَاعْرِفِ الأَشْبَاهَ وَالأَمْثَالَ وَقِسِ الأُمُورَ ثُمَّ اعْمِدْ إِلَى أَحَبِّهَا إِلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ، وَاجْعَلْ لِمَنِ ادَّعَى حَقًّا غائبا أو بينة غائبة أَمَدًا يَنْتَهِي إِلَيْهِ فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً أَخَذْتَ لَهُ بِحَقِّهِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا اسْتَحْلَلْتَ عَلَيْهِ الْقَضِيَّةَ، فَإِنَّهُ أَبَّلُغ لِلْعُذْرِ، وَأَجْلَى لِلْمَعْمَى، وَالْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبَةً عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ، أَوْ ظَنِينَ فِي وَلاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَوَلَّى مِنْكُمُ السَّرَائِرَ، وَدَرَأَ عَنْكُمُ الْبَيِّنَاتِ وَالأَيْمَانَ، وَإِيَّاكَ وَالْغَضَبَ وَالْقَلَقَ وَالضَّجَرَ وَالتَّأَذِّيَ بالناس عند تنافر الخصوم، والتنكر لهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015