حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنِي حَرَامُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَدَرَ النَّاسُ عَنِ الْحَجِّ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ أَصَابَ النَّاسُ جَهْدٌ شَدِيدٌ وَأَجْدَبَتِ الْبِلادُ، وَهَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ، وَجَاعَ النَّاسُ، وَهَلَكُوا حَتَّى كَانُوا يَسِفُّونَ الرُّمَّةَ، وَيَحْفِرُونَ أَنْفَاقَ الْيَرَابِيعِ وَالْجُرْذَانِ فَيُخْرِجُونَ مَا فِيهَا.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْد الْمَجِيدِ بْن سُهَيْلٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُمِّيَ ذَلِكَ الْعَامُ عَامَ الرَّمَادَةِ لأَنَّ الأَرْضَ كُلَّهَا صَارَتْ سَوْدَاءَ فَشُبِّهَتْ بِالرَّمَادِ، وَكَانَ ذَلِكَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَامَ الرَّمَادَةِ: «مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْعَاصِي بْنِ الْعَاصِي سَلامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ: أَفَتَرَانِي هَالِكًا وَمَنْ قِبَلِي وَتَعِيشُ أَنْتَ وَمَنْ قِبَلَكَ، فَيَا غَوْثَاهُ، يَا غَوْثَاهُ» . فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: «سَلامٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ أَتَاكَ الْغَوْثُ فَلأَبْعَثَنَّ إِلَيْكَ بِعِيرٍ أَوَّلُهَا عِنْدَكَ وَآخِرُهَا عِنْدِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ» . فَلَمَّا قَدِمَ أَوَّلُ الطَّعَامِ كَلَّمَ عُمَرُ الزبير بن العوام فقال: تعترض العير فتميلها إِلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَأَبَى الزُّبَيْرُ وَاعْتَلَّ، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: لَكِنَّ هَذَا لا يَأْبَى، فَكَلَّمَهُ عُمَرُ فَفَعَلَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: انْظُرْ مَا لَقِيتَ مِنَ الطَّعَامِ فَمِلْ بِهِ إِلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَاجْعَلِ الظروف لحفا يلبسونها، وانحر الإبل لهم يأكلون لحومها، ويحتملون مِنْ وَدَكِهَا وَلا تَنْتَظِرْ أَنْ تَقُولَ نَنْتَظِرُ بِهَا الْحَيَا حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ بِالْفَرَجِ، وكان