عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الأَمْصَارِ، أَوْ قَالَ: إِلَى أَهْلِ الشَّامِ: أَنْ عَلِّمُوا أَوْلادَكُمُ الْفُرُوسِيَّةَ وَالْعَوْمَ وَرَوُّوهُمُ الشِّعْرَ.
حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْن هِشَام الكلبي عن أبيه عن عوانة عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَطُوفُ الأَسْوَاقَ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ حَيْثُ أَدْرَكَهُ الْخُصُومُ، وَكَتَبَ إِلَى الْحُكَّامِ: لا تَبُتُّوا الْقَضَاءَ إِلا عَنْ مَلأٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ رَأْيَ الْوَاحِدِ يَقْصُرُ، وَمَنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فَلْيَصْبِرْ وَلْيَحْتَسِبْ، وَلا تَحْمِلُوا عَلَى حُكَّامِكُمْ مَا جَرَّ عَلَيْكُمْ شُهُودُكُمْ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ عَلَى مَا يَسْمَعُ أَوْ يَشْهَدُ بِهِ عِنْدَهُ وَاللَّهُ حَسِيبٌ لِلشَّاهِدِ وَالآخِذِ لِغَيْرِ الْحَقِّ.
الْمَدَائِنِيُّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِعُمَرَ: لَوْ قَدَرْتُ جَعَلْتُ خَدِّي نَعْلا لَكَ، فَقَالَ عُمَرُ: إِذًا يُهْيِنكَ اللَّهُ.
الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: لَوْ كَلَّمْنَا عُمَرَ فَزَادَ فِي أَرْزَاقِهِ مَا يَتَهَيَّأُ بِهِ لِلْوُفُودِ وَمُلُوكِ الأَعَاجِمِ، فَقَدْ كَثُرَتِ الْفُتُوحُ، ثُمَّ خَافُوا أَنْ يَتَلَقَّوْهُ بِذَلِكَ، فَأَتَوْا حَفْصَةَ فَذَكَرُوا لَهَا ذَلِكَ. وَقَالُوا: كَلِّمِيهِ فَإِنَّهُ مِنْكِ أَسْمَعُ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ: لَوْ عَرَفْتُ الَّذِينَ أَشَارُوا بِهَذَا لَسَوَّدْتُ وُجُوهَهُمْ، أَخْبِرِينِي مَا أَفْضَلُ مَا اقْتَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِكِ مِنَ اللِّبَاسِ؟ قَالَتْ ثَوْبَيْنِ مُمَشَّقَيْنِ كَانَ يَلْبَسُهُمَا لِلْوُفُودِ. قَالَ: فَأَيُّ طَعَامٍ نَالَهُ عِنْدَكِ أَرْفَعُ؟ قَالَتْ: خُبْزَةٌ صَبَبْنَا عَلَيْهَا أَسْفَلَ عُكَّةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا وَتَلَمَّظَ اسْتِطَابَةً لَهَا. قَالَ: فَأَيُّ بِسَاطٍ بَسَطَهُ عِنْدَكِ أَوْطَأُ؟ قَالَت: كِسَاءٌ لَنَا، وَأَتَيْنَاهُ يَوْمًا بِطَعَامٍ عَلَى مَائِدَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَنِ الأَرْضِ فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ.
قَالَ عُمَرُ: فَأَخْبِرِينِي عَنْ ثَلاثَةٍ اصْطَحَبُوا فَمَشَى سَيِّدُهُمْ أَمَامَهُمْ وَلَحِقَهُ الثَّانِي