لِلْخُرُوجِ، وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِهِ أَنِ ابْعَثُوا إِلَيَّ بِنَاقَتِي وَجَارِيَتِي وَعَبَاءَتِي الْقَطَوَانِيَّةِ فَفَعَلُوا، وَخَرَجَ مِنَ اللَّيْلِ وَأَرْدَفَ جَارِيَتَهُ، وَسَارَ حَتَّى إِذَا رَهِبَ أَنْ يَفْضَحَهُ الصُّبْحُ أَنَاخَ نَاقَتَهُ وَعَقَلَهَا، ثُمَّ كَمَنَ حَتَّى إِذَا سَكَنَ عَنْهُ الطَّلَبُ، أَعَادَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَبَاءَةَ وَأَرْدَفَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ سَارَ كَذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ يُوقِظُ الْمُتَهَجِّدِينَ النُّوَّامَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، وَمَعَهُ دِرَّتُهُ، فَجَعَلَ نَاقَتَهُ وَجَارِيَتَهُ بِبَعْضِ الْمَوَاضِعِ، ثُمَّ دَنَا مِنْ عُمَرَ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ قَدْ جِئْتُكَ تَائِبًا قَبْلَ أَنْ تَقْدِرَ عَلَيَّ فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ مَعْنٌ فَلا حَيَّاكَ اللَّهُ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ قَالَ لِلنَّاسِ: مَكَانَكُمْ. فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ: هَذَا مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ انْتَقَشَ عَلَى خَاتَمِ الْخِلافَةِ فَأَصَابَ بِهِ خَرَاجًا مِنْ خَرَاجِ الْكُوفَةِ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ. فَقَالَ قَائِلٌ: اقْطَعْ يَدَهُ وَقَالَ قَائِلٌ: اصْلُبْهُ، وَعَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ سَاكِتٌ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ قَالَ: [رَجُلٌ كَذَبَ كِذْبَةً عُقُوبَتُهُ فِي بَشَرِهِ،] فَضَرَبَهُ عُمَرُ ضَرْبًا شَدِيدًا، أَوْ قَالَ مُبَرِّحًا، وَحَبَسَهُ فَكَانَ مَحْبُوسًا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى صَدِيقٍ لَهُ مِنْ قُرَيْشٍ أَنْ كِلِّمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَخْلِيَةِ سَبِيلِي فَقَدْ بَلَغَ مِنْ عُقُوبَتِي مَا أَرَادَ، فَكَلَّمَهُ الْقُرَشِيُّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ قَدْ أَصَبْتَهُ مِنَ الْعُقُوبَةِ بِمَا كَانَ لَهُ أَهْلا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُخَلِّيَ سَبِيلَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: «ذَكَّرْتَنِي الطَّعْنَ وَقَدْ كُنْتُ نَاسِيًا» ، ثُمَّ دعا بمعن فضربه وَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ، فَبَعَثَ مَعْنٌ إِلَى كُلِّ صَدِيقٍ لَهُ لا تَذْكُرُونِي لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ انْتَبَهَ لَهُ فَقَالَ: مَعْنُ فَأُتِيَ بِهِ فَقَاسَمَهُ مَالَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ، أَوْ قَالَ فقاسمه ما كان له.
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عُثْمَانَ الزِّيَادِيُّ أَبُو حَسَّانٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي