العراق وطرائفه وَقَالَ لَهُ وَهُوَ يأكل: هل لك فِي حاجة تذكرها؟ قَالَ:
نعم، تهب لِي هَذَا الطباخ الَّذِي يتخذ لك هَذِهِ الحيسة يعني الفالوذ، فوهب لَهُ طباخا، فلما انصرف فقدم مَكَّة أمر باتخاذ الفالوذ فكان يتخذ ويطعمه أهل مَكَّة، فَقَالَ أمية بْن أَبِي الصلت الثَّقَفِيّ:
وأبيض من بني عَمْرو بْن كعب ... وهم كالمشرفيات الحداد
لَهُ داع بِمَكَّةَ مشمعل [1] ... وآخر فوق داريه ينادي
إِلَى ردح من الشيزى [2] ملاء ... لباب البر يلبك بالشهاد
لكل قبيلة ثبج وهاد ... وكنت الرأس يقدم كُلّ هادي
فما لاقيت مثلك يا بن سعدى ... لمعروف وخير مستفاد
[3] وأم عَبْد اللَّهِ جمحية واسمها سعدى، وقد سمعت فِي قدومه عَلَى كسرى وجها آخر، وَهُوَ أن الْحَارِث بْن ظالم لما خاف النعمان استجار بزرارة بْن عدس ثُمَّ التمس أحرز من مكانه عنده، فأتى مَكَّة واستجار بعَبْد اللَّهِ بْن جدعان، فكره النعمان ومن جمع لَهُ أن يأتوا مَكَّة وَهِيَ حرم، فكتب النعمان إِلَى كسرى يعلمه فتك الْحَارِث وشرارته وأنه يسعى بالفساد فِي عمله، ويسأله أن يكتب إِلَى صاحب اليمامة فِي أشخاص الْحَارِث إِلَيْهِ وأخذ من هُوَ عنده بِهِ، فلما صار صاحب اليمامة بقرب مَكَّة كره أن يطأها بجيش وانتظر يوما من أيام أسواقهم بعكاظ وغيرها، فلما اجتمعوا فِيهِ لقي ابْن جدعان فسأله أن يسلم إِلَيْهِ الْحَارِث بْن ظالم فَقَالَ: إنه فارقني، فأشخص صاحب