أَخِي فَأَرَوْهَا إِيَّاهُ، فَصَلَّتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ حَضَرْتُكَ لَدَفَنْتُكَ حَيْثُ مِتَّ، وَلَوْ شَهِدْتُكَ لَمْ أَبْكِ عَلَيْكَ.
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ، وَشَهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَدَعَا بِالْبِرَّازِ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِيُبَارِزَهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ. تَبْعَثُ إِلَيْنَا آبَاءَنَا، فَكَفَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: وَيْحَكَ مَا فَعَلَ الْمَالُ؟ فَقَالَ:
لَمْ يُبْقِ إِلا شَكَّةً وَيَعْبُوبَ [1] ... وَفَارِسٌ يَضْرِبُ إِذْ خَامَ الشَّيْبُ
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَقْدِمُ الشَّامَ فَعَشِقَ ابْنَهُ الْجُودِيِّ الْغَسَّانِيِّ، وَاسْمُهَا لَيْلَى، وَقَالَ فِيهَا:
تَعَلَّقَ لَيْلَى وَالسَّمَاوَةُ دُونَهُ ... فَمَا لابْنَةِ الْجُودِيِّ لَيْلَى وَمَالِيَا
وَكَيْفَ تَعَاطَى قَلْبَهُ حَارِثِيَّةً ... تُدَمِّنُ بَصَرِي أَوْ تُحِلُّ الجوابيا
[2]
وكيف أرجّي أن أراها وعلّها ... إذا النَّاسُ وَافَوْا قَابِلا أَنْ تُوَافِيَا
وَقَالَ أَيْضًا:
يابنة الْجُودِيِّ قَلْبِي كَئِيبٌ ... مُسْتَهَامٌ عِنْدَكُمْ مَا يُثِيبُ
جَاوَزَتْ أَخْوَالَهَا حَيَّ عَكٍّ ... فَلِعَكٍّ مِنْ فُؤَادِي نَصِيبٌ
قَالَ: وَصَحِبَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ حِجَالٌ فَقَالَ:
لَيْتَهَا صَاحِبِي مَكَانَ حِجَالٍ ... وَحِجَالٌ حَيْثُ أم الرئال
[3]
انها قد سبت فؤادي وأصبح ... ت رهينا للهم والبلبال