فَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَأَدِمْ فَقْرَهُ، وَأَعْمِ بَصَرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ:
فَأَنَا رَأَيْتُهُ يَتَعَرَّضُ لِلإِمَاءِ فِي السِّكَكِ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا سَعْدَةَ؟
قَالَ: كَبِيرٌ مَفْتُونٌ، فَقِيرٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ.
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الزِّيَادِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الزَّبِيدِيَّ وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَعْدَ أَنْ فَتَحَ سَعْدٌ الْقَادِسِيَّةَ وَمَا فَتَحَ مِنَ السَّوَادِ فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْهُ وَعَنْ رِضَاءِ النَّاسِ بِهِ فَقَالَ: تَرَكْتُهُ يَجْمَعُ لَهُمْ جَمْعَ الذَّرَةِ وَيُشْفِقُ عَلَيْهِمْ شَفَقَةِ الأُمِّ الْبَرَّةِ، أَعْرَابِيٌّ في مرضه، نَبَطِيٌّ فِي جِبَايَتِهِ، يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَيَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّةِ وَيُنْفِذُ بِالسَّرِيَّةِ. فَقَالَ عُمَرُ: كَأَنَّكُمَا تَقَارَضْتُمَا الثَّنَاءَ، وَكَانَ سَعْدٌ كَتَبَ يُثْنِي عَلَى عَمْرٍو.
حَدَّثَنَا عَفَّانُ، ثنا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ مَرِضَ فَعَادَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ: كَيْفَ نَجِدُكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ فَبَكَى، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَبْكِي حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا، وَلا جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَعَهِدَ إِلَيْنَا: [ «لِيَكُنْ بَلاغُ أَحَدِكُمُ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبِ» ] فَأَخْشَى أَنْ نَكُونَ تَجَاوَزْنَا أَمْرَهُ، فَبَكَيْتُ، فَأَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الأَمِيرُ فَأُذَكِّرُكَ اللَّهَ عِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ، وَعِنْدَ لِسَانِكَ إذا نطقت، وعند يدك إذا بطشت.
الْمَدَائِنِيُّ عَنْ الْوَقَّاصِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ سَعْدًا أَخَذَ خَمْسَ جَوَارٍ مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَ جَلُولاءَ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْهُنَّ فَقَالَ: خِفْتُ أَنْ يَفْتَتِنَ الْمُسْلِمُونَ بِهِنَّ فَبِعْتُهُنَّ وَجَعَلْتُ ثَمَنَهُنَّ لِلْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ فَوَجَدَهُ كَمَا قَالَ سَعْدُ.