إنه بعث إليه عِنْد طلوع الفجر غلامًا له يُكنى أبا زيتونة ليسأله المصير إلى الحش للاجتماع به، فلمّا اجتمعوا حيث أراد، قام مصعب إلى نخلة قد دس فيها سيفًا قاطعًا فأخذه وعلاهُ به، وأعانه التيمي، والليثي وأبو زيتونة عليه فقتله وأخفى أمره، ويُقال إن مصعبًا دعاهُ إلى موضع يعرف بحش بني زهرة فقتله به، وجعل انصرافه إلى حميد بن عبد الرَّحْمَن أخيه فأخبره بما صنع به إسماعيل وبقتله إيّاه، فأخذ حميد ثياب أخيه فألقاها فِي تنور قد سجر وألبسه ثيابًا غيرها، وغدا به معه لصلاة الصبح وقال: إنك ستسمع قائلا يقول: كَانَ من الأمر كيت وذيت حَتَّى كأنه معكم فلا يروعنك ذلك ولا يتغيرنّ له وجهك، وأصبحَ الناس يتحدثونَ بقتل ابن هبار ويرون مصعبًا مع أخيه حميد فيكذبونَ عنه، وكان أخو إسماعيل بن هبار يقوم فِي دبر كل صلاة فيقول:

نشدت الله رجلا عنده من أخي علم إلا أخبرنيه، فقام عَبْد اللَّهِ بْن مطيع العدوي من قريش فقال: اللهم إنك تعلم أمره ونعلمه، فقال له: من هو؟

قَالَ: مصعب بن عَبْد الرَّحْمَن، فأدخله إلى مروان فتوقف عنه، وأخذ أبو زيتونة فأدخل إلى مروان فأنكر فضربه فأقر ثُمَّ أنكر، فقيل هذا إقرار منه حين ضرب ولا يقطع الحكم به، وأرسلت أخت إسماعيل إلى عَبْد الله بن الزبير فأخبرته خبرهم، فركب عَبْد الله، والمنذر ابنا الزبير وغيرهما من وجوه بني أسد بن عَبْد العزى إلى معاوية بالشام، وزعم قوم أن معاوية قدم المدينة حاجًا فلقيه عَبْد الله والمنذر ومن معهما فحكم بأن يحلف عشرة من بني أسد بن عَبْد العزى خَمسين يمينًا بالله أن مصعبًا قتله، فإن حلفوا ملكوا دمه، وإن نكلوا عَن اليمين حلف من بني زهرة عشرة بالله ما قتل مصعب إسماعيل وما يدرونَ من قتله فقال بعض آل عَبْد الرَّحْمَن بن عوف: يَختار للحلف عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015