الثالثة بالرمح فأنفذه فاندق الرمحُ ووقع مصعب وسقط اللواء، فأخذه أبو الروم أخوه، وكان اسمه عَبْد مناف، فلم يزل فِي يده حَتَّى دخل المدينة حين انصرفَ المسلمون.
ويُقال إنه لَمّا قتل مصعب وسقط اللواء أخذ اللواء ملك فِي صورة مصعب، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ له فِي آخر النهار: تقدم يا مصعب، فالتفتَ إليه الملك فقال: لستُ بمصعب، فعرف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ملك أيّد به.
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الأَسْوَدِ الْعجلِيُّ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ثَنَا عُمَرُ بْنُ صُهْبَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عبد الله عن وهب بن فطن عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَهُوَ مُنْجَعِفٌ [1] عَلَى وَجْهِهِ، فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ [2] ثُمَّ قَالَ: [ «أَنْتُمُ الشُّهَدَاءُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «زُورُوهُمْ وسلموا عليهم فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ مُسْلِمٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلا رَدُّوا عَلَيْهِ» ] .
وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بن محمد النَّاقِدُ ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاهَدْنَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إِلا نَمِرَةٌ [3] ، فَكُنَّا إِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَتْ رجلاه، وإذا وضعناها في رجليه