أفيكم غيلان بن مسلم؟ فقام رجل أحمر عليه قباء نصيبي مجلد الأزرار فقال: أنا غيلان أبو مروان. فقالا: أين صالح، فقام رجل ربعة حسن الوجه فقال: أنا صالح أبو عبد السلام فشداهما في الحديد وحملاهما إلى هشام، فقال هشام لغيلان: ويلك ما هذا الذي يبلغني عنك من القول؟
فسبقه صالح فقال: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وسعها) [1] ، فقال له هشام:
أتركت أن تتلو كتاب الله محكمه، وتلوت متشابهه، إن هذا ليحقق ما قيل فيكما، قال: أو هذا متشابه؟ قال: أخرجوهما فاضربوهما سبعين سبعين، فضربا، وجاء قوم فشهدوا عليهما بأنهما قالا: ما ولى الله هشاما شيئا قط، وإن الناس يتغالبون على الأرزاق، وتأتيهم بالاتفاقات. فقال: لعلكم شهدتم لأمر وجدتم عليهما فيه، أو لعداوة واجبة؟ فقالوا: لا، ولكنك إمام وقد خرجنا إليك مما في أعناقنا، فقطع أيديهما وأرجلهما، فمر عليهما عثمان بن حيان المري فقال: يا غيلان، كان هذا بقضاء الله وقدره؟ فقال:
كان في علم الله.
ثم أمر هشام بإخراج ألسنتهما من أقفيتهما أو قطعها فلم يلبثا أن ماتا.
وقيل إن غيلان وصاحبه كانا بأرمينية يتكلمان في هشام، فلما شخصا عنها، وكان قد وضع عليهما عيونا فأخبر بنزولهما حيث نزلا، فدس شهودا شهدوا عليهما، فصنع بهما ما صنع ثم صلبهما.
قالوا: وعمل هشام منجنونا [2] وكتب إلى صاحب الرقة يأمره أن يبتاع