ويقال إنها قالت: أو يوم كنت تزور فيه رملة فترى خلقتها وعظم أنفها؟ وَكَانَ مقتل أَبِي فديك فِي سنة أربع وسبعين.
وَقَالَ الْمَدَائِنِيّ: كانت هزيمة عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّهِ بعد مقتل أَبِي فديك، وأوفد عمر إِلَى عَبْد الْمَلِكِ ببشارة الفتح وفدا فيهم الصلتان وهو قثم بْن خبية بْن قثم العبدي، ويقال هو تميم بْن خبية بْن قثم. فَقَالَ لَهُ عَبْد الْمَلِكِ: يَا صلتان لعمر ثناؤك وعليه جزاؤك. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إني لأعيش من جدواه وأتقلب فِي نعماه، وإن خيره علي لكثير وقد أدرك فِي عدوك مَا أدرك وهو محمود. فَقَالَ: صدقت، وأمر لَهُ بألفي درهم.
وَقَالَ بعض الشعراء:
ضجت جواثا ولم تفرح بمقدمنا ... لما قدمنا وماذا ينفع الضجر
كانت لنا هجر أرضا نعيش بِهَا ... فأرسل النار فِي حافاتها عمر
وَقَالَ أعشى همدان فِي قصيدة لَهُ طويلة يذكر فيها قتالهم بجواثا ويفخر بصبر الكوفيين، ويذم البصريين فِي هزيمتهم، فمنها قوله:
ألم يأت بشرا مَا أفاءت رماحنا ... وبشر بْن مروان بِذَلِكَ أسعد
فإنك قد جهزت جيشا مباركا ... ومثل أَبِي مروان بالخير يحمد
أطعت أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وإنما ... جعلت غياثا كل خير تغمد
وأعطيتنا منك العطاء مضاعفا ... وزودتنا حَتَّى جعلنا نحسد
ولما رأينا القوم ليس لديهم ... لمن زار إلا المشرفي المهند
مشينا إليهم فِي الحديد كأننا ... سحاب يضيء البرق فيه ويخمد
ولما رأى أَهْل البصيرة حزمهم ... تولوا سراعا خيلهم ثُمَّ تطرد
وما قاتلت فرسانهم عَن رجالهم ... وما منعوا قتلاهم أن يجردوا