كيف كانت حالكم. قَالَ: كنا إذا لقيناهم بعفونا وعفوهم يئسنا منهم وإذا لقيناهم بجدنا طمعنا فيهم، قَالَ: فكيف كَانَ بنو المهلب؟ قَالَ: حماة السرح نهارا وفرسان البيات. قَالَ: فأين السماع من العيان؟ قَالَ: السماع دون العيان. قَالَ: فأيهم أفضل؟ قَالَ: هم الحلقة المفرغة لا يعرف طرفاها. فوصل بني المهلب وأهل البلاء والغناء ممن كَانَ مَعَهُ وزادهم فِي الأعطية.
وولى الحجاج المهلب خراسان، وَكَانَ المهلب يقول: مَا أحب أن لي مكان بيهس بْن صهيب ألف فارس. فقيل إنه ليس بشجاع؟ قَالَ: لكنه سديد الرأي عاقل حذر فهو لا يدع الاحتراس والسؤال، ولو وجد مكانه ألف فارس شجاع لناموا حَتَّى يحتاج إليهم.
قالوا: وعقد الحجاج لسفيان بْن الأبرد الْكَلْبِيّ عَلَى خمسة آلاف، وضرب عَلَى أَهْل الْكُوفَة بعثا فخرجوا فِي عشرة آلاف عليهم الصباح بْن مُحَمَّد بْن الأشعث، ويقال إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّهِ بْن الأشعث. وجعل عَلَى جماعة النَّاس سفيان بْن الأبرد وَقَالَ لَهُ الحجاج: أتدري إِلَى أين تسير؟
قَالَ: نعم إِلَى كلاب النار. قَالَ: اعلم أنك تسير إِلَى أسد الشرى وسباع العرب، يرون الموت قربة إِلَى اللَّه ويعدون الفرار كفرا فعليك بالصبر والعزم، والقوم أصحاب مناجزة فإياك والعجلة.
فصار سفيان وجعل عَلَى ساقته البختري بْن عامر العاملي، فمر بالأخضر بْن ورقاء الْكَلْبِيّ ومصاد بْن زياد القيني والوازع بْن دوالة الْكَلْبِيّ وهم سكارى فشتموا البختري، فَقَالَ لَهُ سفيان: هلا ضربت أعناقهم.
وبلغ الحجاج أمرهم فحلق عَلَى أسمائهم فكتب فيهم فردها.