للنصف من شوال حين أمن الموت فِي نفسه، وَكَانَ موته فِي سنة ست وثمانين، وهو ابْن ثلاث وستين، بدمشق، وكانت ولايته بعد مقتل ابْن الزُّبَيْرِ ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر، وخمسة عشر يوما، ودفن خارج باب الجابية بدمشق، وصلى عَلَيْهِ الوليد فتمثل هِشَام أو سليمان:
فَمَا كَانَ قيسٌ هَلْكُهُ هَلْكُ واحدٍ ... ولكنه بنيان قوم تهدما
فَقَالَ لَهُ الوليد: اسكت فإنك تتكلم بلسان شيطان ألا قلت كما قَالَ أوس بْن حجر:
إذا مقرم منا ذرا حد نابه ... تمخط منا ناب آخر مقرم [1]
وقيل إن سليمان المتمثل بالبيت الأول، لأن هشاما كَانَ يوم مات أبوه ابْن أربع عشرة سنة، ولد عام قتل مصعب.
قالوا: ولما أخرج عَبْد الْمَلِكِ احتزم الوليد ومشى بين يدي سريره، وَكَانَ فِي طريقهم إِلَى المقابر دار إذا هدمت كَانَ الطريق أقرب إِلَى المقابر، فأمر الوليد بهدم الدار قبل أن تخرج الجنازة، فهدمت [2] .
وخطب الوليد حين رجع من الجنازة، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ: لم أر مثلها مصيبة، ولم أر مثله ثوابا، فإن لله وإنا إِلَيْهِ راجعون لعظم المصيبة، والحمد لله عَلَى حسن العطية، إني قد كفيت مَا كانت الخلفاء قبلي تتكلم بِهِ، فمن كَانَ فِي قلبه شك فليمت بدائه، من أمال أذنه أملنا أذنيه.